في عصر ثورة وسائط الاتصال ونظم المعلوميات وسيادة الصورة، نحس في المغرب كما لو أننا نعيش عهد ما قبل التلفزة. فالأمر عندنا يتعلق بتلفزة سلطة تفكر نيابة عنا جميعا وتركب لغة تبشيرية ودفاعية ضد أعداء مفترضين. إنها تلفزة الخوف، حيث تصبح الديموقراطية وحرية الرأي خطرا، وحيث تنتصب الخطوط الحمراء، وحيث الولاء يمثل بديلا عن الإبداع. وهي تلفزة التعليمات طبقا لمنطق يرى أن الحقوق لا يتم تشغيلها إلا بإذن، وأن السلطة مصدر لكل المبادرات. وهي تلفزة التطمين لأن الأخبار السيئة دليل شؤم سياسي. وهي تلفزة تحتقر المهنية بتحويل كل أنشطة السلطة الاعتيادية إلى "أخبار" مرتبة في الصدارة. وهي أداة سياسية بامتياز وامتداد لأجهزة الإكراه. وهي مرجع مثالي في تحرير نصوص إنشاء ركيك، باهت الملامح، عديم الدقة، حافل بالحشو والأكليشيهات المعادة، يمكن أن يكتب قبل حدوث موضوعه.
Partage sur les réseaux sociaux