عزمي بشارة، المركز العربي للأبحاث ودارسة السياسات، الدوحة، 2020، 159 ص.
يقدم عزمي بشارة في هذا الكتاب، نظرة عامة عن أهم المبادرات الأميركية لحل القضية الفلسطينية منذ عام 1967، "ليبين الخطورة والمنعطف اللذين تمثلهما ما اصطلح عليه صفقة ترامب – نتنياهو الأخيرة، واللذين لا ينبعان من مضمونهما نفسه فقط، بل كذلك من كون الصفقة طرحت باسم رئيس الولايات المتحدة الأميركية، الدولة التي احتكرت رعاية ما يسمى عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين منذ توقيع ما عرف بـ اتفاق أوسلو عام 1993".
يعمل الكاتب على مساءلة نص المبادرة الأميركية، ويقف عند المسارات والمنعرجات التي أوصلت القضية الفلسطينية إلى هذه النقطة، ويتساءل عن الآفاق.
يتمحور هذا الكتاب حول مجموعة نصوص أساسية، يختصرها في التالي:
°- هي مبادرة مبنية على نص إسرائيلي يميني بخطاب صهيوني- ديني
يلاحظ المؤلف هنا أنه من ضمن المبادرات الأميركية المتتالية منذ العام 1967، فإن "رؤية ترامب" تشكل تحولا جوهريا في الموقف الأميركي "من الانحياز إلى إسرائيل والتحالف معها، إلى التماهي المعلن وغير المنضبط مع مواقف اليمين الإسرائيلي".
يقف الكاتب بالتحليل عند أهم المبادرات الأميركية في هذا الشأن: مبادرة وليام روجرز في يونيو 1970، ومبادرة مستشار الأمن القومي الأميركي في إدارة الرئيس الأميركي جيمي كارتر، زبيغنيو بريجنسكي عام 1977، ومشروع الرئيس رونالد ريغان عام 1982، وإعلان الرئيس جورج بوش الأب رؤيته عام 1991، ومبادرة خريطة الطريق التي طرحها الرئيس جورج بوش الابن، وصولا إلى مقترحات الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري عن الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي.
يلاحظ الكاتب هنا أن مواقف البلدان العربية من هذه الخطط والمشاريع، كانت في معظمها إيجابية وبناءة، على العكس من مواقف إسرائيل التي غالبا ما كانت تتسم بالرفض وعدم القبول.
ويلاحظ بشارة إلى أن إدارة ترامب قد بدأت في تنفيذ "صفقة القرن" قبل إعلانها، "مع التركيز على وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس مع الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وطرد بعثة منظمة التحرير الفلسطينية من واشنطن، واعتبار أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تعد انتهاكا للقانون الدولي".
إن وثيقة "صفقة ترامب – نتنياهو" إنما صيغت، يتابع الكاتب، بغرض تصفية القضية الفلسطينية، لأنها كرست منطق القوة والإملاء المباشر على العرب. ولذلك، "يعد سلوك بعض الدول العربية بعد الإعلان عن هذه الرؤية، بالإعلان عن تأييدها، سابقة خطيرة، تشجع الإسرائيليين على تبني هذا المنطق والتمسك به. في حين تباينت الردود الأوروبية، التي ليس لها تأثير فعلي كما أثبتت الأحداث، ولا يمكن الاعتماد عليها إذا لم يجر العمل على بناء كتلة قوية مؤيدة للحقوق الفلسطينية في الرأي العام الأوروبي".
°- كيف وصلنا إلى هنا؟
وصلنا إليه، بنظر بشارة بسبب "التطورات الإقليمية التي قادت إلى أن تصبح الوثيقة بهذه الخطورة، بداية من تراجع المد القومي العربي منذ سبعينيات القرن الماضي، وتوقيع بعض الأنظمة العربية الصلح مع إسرائيل، وتوقيع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقا للسلام مع إسرائيل، وصولا إلى الانقسام الفلسطيني".
يريد المؤلف أن يوضح هنا أن "الصراعات بين الأنظمة العربية أثرت في الموقف من قضية فلسطين بموجب التحالفات الدولية، كما تحدد الموقف منها بموجب حاجة الأنظمة إلى الشرعية التي تمثلها هذه القضية في الوجدان الشعبي".
°- ما العمل؟
يتحدث عزمي بشارة هنا "عن الاستراتيجية المأمول أن ينخرط الفلسطينيون فيها، في أماكن وجودهم كافة في معركتهم ضد نظام الأبارتهايد العنصري". لكنه يرى أن "هذه الاستراتيجية تحتاج إلى درجة عالية من التنظيم والتنسيق، من دون التنازل عن خصوصية كل تجمع فلسطيني وطبيعة جبهة المواجهة التي يخوضها". إنه يلح على أهمية وجود قيادات محلية تتمتع باستقلالية بشأن قضايا قاعدتها الاجتماعية ومواطنيها، وإطار يحدد الأجندات الوطنية الجامعة.
ويضيف "أن الأولوية اليوم، هي النضال الديمقراطي لتحقيق العدالة لشعب فلسطين، ويمكن أن يؤدي النضال ضد واقع الأبارتهايد في فلسطين وتحقيق المساواة، وذلك بعد الاعتراف بالغبن التاريخي الذي وقع على الفلسطينيين".