Aller au contenu principal

"الصناعات والصادرات العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة ولبنان"

عبد القادر بدوي، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، رام الله، فبراير 2025، 13 ص.

بمدخل هذه الدراسة، وهي في الأصل تقدير موقف، يقول الكاتب: لقد "استطاعت إسرائيل على مدار العقود الماضية، أن تحجز لنفسها مكانا متقدما في ركب الدول المصنعة للأسلحة والتقنيات العسكرية- الأمنية الحديثة والمتطورة".

لقد تحولت الحرب على غزة ولبنان إلى مختبر حي، استعملته إسرائيل لتطوير تقنياتها وأسلحتها والترويج لها، وصولا إلى عقد صفقات رابحة وتصدير جزء كبير منها.

منذ نشأة دولة إسرائيل، عملت الحكومات المتعاقبة على بناء قاعدة صناعية عسكرية مستقلة وأكثر تطورا لتلبية احتياجات الجيش حديث التأسيس، خصوصا وأن إسرائيل قدمت نفسها كـ "أمة" أوروبية حداثية متقدمة.

ولعل فترة التعاون مع الولايات المتحدة هي الفترة الذهبية لدى إسرائيل، إذ شمل ذلك مجالات الدفاع الصاروخي وتطوير أنظمة لاعتراض الصواريخ الباليستية (منظومة "حيتس")، في الوقت الذي بدأ فيه الطلب العالمي على الأسلحة التقليدية بالتراجع بعد انتهاء الحرب الباردة، ما دفع الشركات الإسرائيلية للتركيز على التقنيات العسكرية المتطورة مثل الطائرات بدون طيار، وأنظمة المراقبة والاستخبارات والتجسس، التي أصبحت عنصرًا أساسيًا في استراتيجيتها التصديرية.

بين عامي 2019 و2023، استحوذت صادرات الأسلحة الإسرائيلية على حصة سوقية كبيرة وزودت العديد من الدول بتقنيات متقدمة تشمل الطائرات المسيرة، وأنظمة الحرب الإلكترونية، تقنيات التجسس ومنظومات الدفاع الصاروخي، كما سجلت ثلاث شركات إسرائيلية من بين أكبر 50 مقاولا "دفاعيا" في العالم في العام 2023، حيث نمت إيراداتها مجتمعة بنسبة 15% في الفترة نفسها، أي 3.5 أضعاف متوسط الزيادة العالمية.

تشير التقارير إلى أن الهند وأذربيجان وألمانيا والبرازيل هي ضمن الدول التي استوردت بكثافة الأسلحة والتقنيات الحربية الإسرائيلية، بما مجموعه حوالي 14 مليار دولار سنة 2023.

 وهو ما حو ل إسرائيل لدولة رائدة، بمكانة متقدمة بين الدول في مجال التصنيع العسكري- الأمني (لا سيما في المجال الرقمي والذكاء الاصطناعي.

 من بين أمور كثيرة كشفها الهجوم على مستوطنات غلاف قطاع غزة يوم 7 أكتوبر، هو الاعتماد الإسرائيلي الكبير على الدعم العسكري الأميركي. لقد تعزز هذا الاعتماد في حماية إسرائيل مع اندلاع أول مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران في 14 أبريل، وفي الأول من تشرين أول، أكتوبر 2024. بات من الممكن الادعاء أن حرب الإبادة على غزة ولبنان والمواجهة مع إيران لم تكن ممكنة لولا الجسر الجوي الذي أقامه الأميركان.

إن أسوأ الأوقات بالنسبة لمعظم الجهات المتضررة من حرب الإبادة هي أفضل الأوقات لمصنعي الأسلحة، وتحديدا الشركات الإسرائيلية. ممّا لا شك فيه أن الحروب الإسرائيلية المتعاقبة على الفلسطينيين (على قطاع غزة تحديدًا في العقدين الماضيين)، وعلى الدول العربية في السابق، قد وفرت لإسرائيل هامشا كبيرا لابتكار وتطوير الأسلحة والتقنيات العسكرية- الأمنية، وقد ساهم ذلك في تحويلها لدولة رائدة في هذا المجال.

فمنذ بداية حرب الإبادة، حولت شركات التصنيع والتطوير العسكري- الأمني قطاع غزة، وجنوب لبنان كذلك، إلى مختبر حي لتجريب الأسلحة والتقنيات وفقا لـ "النمط التجريبي للحرب"، بحيث تنقلها من "ميدان المعركة" إلى جيوش الدول ومعارض الشركات مباشرة، "بعد أن تعمل على تطوير القديم وإصلاح ثغراته، وتصنيع وتطوير تقنيات جديدة بما يتواءم مع مستجدات الميدان، وهو ما ينعكس على مكانتها في سباق التسلح، ناهيك عن الأرباح الطائلة للاقتصاد السياسي للأسلحة".

على الرغم من حالة التباهي الإسرائيلية بصناعاتها وتقنياتها العسكرية- الأمنية، والمدفوعة بـ "المنجزات العسكرية المتحققة" خلال الحرب، تبرز العديد من المعضلات التي قد تحد من طموح القفزة الإسرائيلية في هذا المجال بشكل استثنائي وهما معضلتا المقاطعة (حظر التسلح)، والاعتماد العسكري على الممولين الأجانب لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وما يترتب على ذلك من ضغط سياسي.

 في هذا الصدد، واستجابة لهذه المعضلات، علت العديد من الأصوات الإسرائيلية التي طالبت بتقليل الاعتماد العسكري على الممولين الأجانب. لا بل إن لجان برلمانية عدة ناقشت مسألة الاستغناء عن الدعم العسكري الأميركي وتحويل الاعتماد لشراكة كاملة إلى ضرورة تقليل اعتماد إسرائيل على التمويل العسكري الأجنبي الأميركي، والانتقال إلى شراكة في الابتكار الدفاعي والتصنيع العسكري.

إلا أن هذا الطموح يصطدم بحواجز عديدة. من ناحية، تعيق الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والولايات المتحدة إمكانية وصول إسرائيل لحالة من الاستقلالية في التصنيع؛ إذ تشكل المساعدات العسكرية الأميركية جزءا كبيرا من ميزانية شراء الأسلحة والذخائر بموجب الاتفاق القائم مع الولايات المتحدة والممتدّ على مدار 10 سنوات وينتهي في العام 2028، حيث سيصل حينها الجزء المخصّص للإنفاق في إسرائيل إلى صفر بحلول ذلك العام. كما أن قدرة الشركات الإسرائيلية على استخدام حزمة المساعدات البالغة 14 مليار والتي وقعتها الإدارة الأميركية السابقة في العام الماضي (2024) ضئيلة وتشترط أن يتم إنفاق الجزء الأكبر منها من خلال التصنيع في الولايات المتحدة الأميركية.

Vous pouvez partager ce contenu