ماهر وزان، طهران، 2023، 43 ص.
يقول الكاتب بالمقدمة: "سواء كانت الأخلاق نتيجة الحاجة إلى النظام أو نتيجة نداء الضمير، فهل يمكن نقلها إلى الآلات؟".
ويتابع "هل يمكن للآلات أن تتحرك في الاتجاه الأخلاقي الصحيح، أم أنها ستكون مجرد انعكاس لأنظمتنا الأخلاقية؟". ويجيب: "يجب أن تكون الأخلاقيات في عالم الذكاء الاصطناعي بمثاب التزام وعقد مسؤول مع الآلات: عقد يتم من خلاله نقل إرادة الحياة وشغفها إلى الآلات. ولكن كيف يمكن تطبيق هذا العقد؟ كيف نعلم المبادئ الأخلاقية للآلات؟".
يزعم الكاتب أن نقل المبادئ الأخلاقية إلى الذكاء الاصطناعي هو محاولة لنفخ الروح الإنسانية في جسد هامد. لكن هل هذا الهدف قابل للتحقيق؟
إنه يعتقد، مثل الكثيرين، أن الآلات يمكن تعليمها المبادئ الأخلاقية، ولكن ليس كمجموعة من القواعد الجافة التي لا روح لها، ولكن كنظام معقد وديناميكي قادر على تفسير المواقف واتخاذ القرارات الأخلاقية.
لكنه يعتقد أيضا أن ذلك يتطلب أن تتمكن الآلات من تحقيق نوع من الفهم يتجاوز الحسابات الرياضية والأنماط المبرمجة، "فهم قادر على اختراق عمق التعقيدات البشرية واتخاذ القرارات الأخلاقية في اللحظات الحرجة".
هل هذا ممكن؟ يتساءل الكاتب من جديد. هل يمكن تعليم الآلات البحث عن الحقيقة والعدالة مثل البشر، بقلب نابض وعقل واعي؟ هذا سؤال لا يمكن الإجابة عليه بسهولة بنظره، لأن الأخلاقيات في عالم الذكاء الاصطناعي، تشبه المرآة التي تعكس قيمنا ومعتقداتنا. إذا تمكنا من عكس النظام الأخلاقي والإنساني في هذه المرآة، فربما نتمكن من تعليم الآلات التحرك في الاتجاه الصحيح.
صحيح، يقول الكاتب، إن الذكاء الاصطناعي، هذا الجماد الذي خلقه الإنسان، قادر على اتخاذ القرارات من خلال تحليل البيانات واستخدام الخوارزميات، التي لها تأثير عميق على مصير وحياة البشر. لكنه يشدد في الآن ذاته، على أن هذه القرارات يجب أن تستند إلى المبادئ الأخلاقية التي نعلمها لهذا العقل الذي لا حياة فيه.
يمكن للآلات، بسبب قدراتها التي لا نهاية لها في معالجة البيانات والتعلم من تجارب الماضي، أن تصبح أدوات قوية لتحسين حياة الإنسان، لكن هذه الأدوات، إذا تركت دون أطر أخلاقية، يمكن أن تشكل أيضا تهديدا كبيرا.
بالتالي، "يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرا على فهم أن الأخلاق مفهوم نسبي ومعقد يأخذ معاني مختلفة في سياقات مختلفة".
ولذلك تجدر الإشارة إلى أن الأخلاقيات في الذكاء الاصطناعي لا تعني اتباع مجموعة من القواعد فحسب، بل تعني أيضا البحث المستمر عن أفضل الحلول في كل موقف محدد.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصل إلى مستوى ذكاء يفوق الذكاء البشري؟
ممكن، يقول الكاتب. "لكن الطريق للوصول إلى هذه النقطة معقد ومليء بالتحديات التقنية والأخلاقية
لكن هل يستطيع الذكاء الاصطناعي خلق قيم وأخلاقيات جديدة أم أنه يعمل فقط بناء على الخطط والبيانات الموجودة؟
يلاحظ الكاتب هنا أنه "مع كل خطوة نخطوها في عالم المعرفة والتكنولوجيا، يبدو الأمر وكأننا نفتح الأبواب أمام المجهول. والأبواب التي لا يكمن خلفها التقدم والازدهار فحسب، بل تكمن فيها أيضا الأخطار والتهديدات".
من هنا، "يجب علينا أن نتعلم كيف نسعى إلى تحقيق توازن مستقر بين المعرفة والأخلاق بدلا من الاستسلام لإغراءات القوة اللامحدودة".
ويستشهد في ذلك بنيتشه الذي يقول: "الإنسان شيء يجب السيطرة عليه وتجاوزه"، ليتساءل: "مع صنع الذكاء الاصطناعي، هل تجاوزنا أنفسنا، أم كشفنا فقط عن وجه جديد لضعفنا؟"
الذكاء الاصطناعي، هذه الآلة الجامدة، هل يمكن أن تكون لها أخلاق؟ الأخلاق هي نتاج الإرادة والقوة؛ وهل يمكن لآلة تفتقر إلى الأخلاق أن تكون لها أخلاق؟ علينا، يتابع الكاتب، أن نتقبل أن الذكاء الاصطناعي هو انعكاس لإرادتنا القوية، لكن هذه الإرادة، بدون معرفة، يمكن أن تؤدي إلى كارثة كبيرة.
وهذا المسار لا يتطلب المعرفة والتكنولوجيا فحسب، بل يتطلب أيضًا فهما عميقا للفلسفة والأخلاق. يجب علينا الإجابة على الأسئلة الأساسية حول الطبيعة البشرية والغرض من الحياة.
ويقر المؤلف: "ربما نستطيع أن نصل بالذكاء الاصطناعي إلى مستوى من الإبداع يمكنه رسم لوحات جميلة أو تأليف موسيقى ممتعة، لكن هل سيكون هذا الإبداع هو نفسه الإبداع البشري ؟ هل يمكننا تعليم الآلات كيفية اتخاذ القرارات ليس فقط على أساس المنطق، ولكن أيضا على أساس العاطفة والحب؟ هذه
أسئلة مازلنا لا نملك إجابة شافية لها".
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون حكماً عادلاً؟
في العديد من أنظمة العدالة، يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والتنبؤ بالسلوك الإجرامي. ولكن "كيف يمكن لهذه الأنظمة أن تعمل دون تأثير التحيزات البشرية؟ هل يمكنهم إقامة العدالة بشكل صحيح بغض النظر عن تاريخها العنصري والاجتماعي؟"
لذلك، "إذا أردنا للآلات أن تنفذ العدالة بشكل صحيح، فمن واجبنا أن نبرمج مبادئ وأوامر العدالة بشكل صحيح. يجب علينا أن نتأكد من أن البرامج والخوارزميات التي يتم تنفيذها في الآلات أخلاقية وعادلة ولا تشجع على التمييز".
ويختم بالقول: إن "الحقيقة التي يظهرها لنا الذكاء الاصطناعي هي إلى حد ما مصطنعة، وتعتمد على إرادة البشر وقوتهم، لأن الإنسان هو الذي يصمم الخوارزميات ويجمع البيانات".