Aller au contenu principal

"الكتابة بيدين"

عبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال، الدار البيضاء، 2009، 100 ص.

تقدم هذه المقالات، وفق صاحبها، تحليلا مترابط الأجزاء. رابطها أنها "تعود إلى إصرارها وتكرارها...أعتقد أنها...تحيل إلى بعضها البعض، فتحمل معنى ودلالة".

+ بالنص الأول ("الكتابة بيدين")، يلاحظ الكاتب أن كثيرا من المؤلفات تحمل توقيع أسماء مشتركة: إنجلز/ماركس، الخطيبي/حسون...الخ. إنها كتب "تخط بقلمين، وتكتب بيدين وتوقع باسمين". إنها أعمال يطبعها التعدد.

يتساءل الكاتب هنا عماذا "يعني التأليف (والتفكير) بصيغة المثنى؟ هل يتعلق الأمر بتآزر فكرين وتعاونهما؟ أم بانصهار يولد عنصرا ثالثا لا هو هذا الطرف ولا ذاك؟".

إن الأمر بنظره، هو أن "كلا الطرفين يبحث في الآخر عما يبعده هو عن نفسه". هو جمع تكاملي وليس حسابا عدديا. يقول دولوز، وهو يشتغل مع غاتاري: "لم نكن نعمل معا. كنا نعمل بين الإثنين...لم نكن نعمل. كنا نتساوم ونتفاوض".

وعلى هذا الأساس، ف"ليست الكتابة بيدين كتابة بيد واحدة، وإنما هي كتابة بين يدين، حتى وإن كان الموقع يدا واحدة". بالتالي، "فكل كاتب يكتب بيدين: إحداهما تقبض والأخرى تنتزع. إحداهما تخطط وتخط وتبني، والأخرى تسود ما خطته الأولى".

+ بنص "عودة على مسألة النقد"، يقف المؤلف عند الكاتب الأرجنتيني بورخيس، عندما يقول: "كل مرة أقرأ فيها مقالا ينتقدني، أكون على اتفاق تام مع صاحبه، بل إنني أعتقد أنه كان بإمكاني أن أكتب أنا نفسي أحسن من ذلك المقال...كم وددت أن أكتب باسم مستعار، مقالا قاسيا عن نفسي".

بورخيس هنا يرى أن النص، أي نص، بحاجة إلى من يكمله ويتمم نقصه. إذ "النص نقص". إنه بالتالي "يدعو الناقد ليس فقط إلى التعاون مع المؤلف"، وإنما إلى أن "يغدو هو نفسه مؤلفا، يدعون لأن يشارك المؤلف عملية الكتابة ويتقاسم معه همومها ومسؤوليتها".

الناقد هنا لا يحاسب المؤلف، بل يعمل على "سد نقض الكتابة...أو جعل النص يمتد". من يمثل هذا البلد أو ذاك؟...يرد الكاتب: "كل بلد من البلدان يظن أن من يخالفه هو الأولى بتمثيله، فكأنه يشعر برغبة في التعويض، فيختار من لا يقاسمه أوجه الشبه".

+ بنص "في التعدد اللغوي"، يستشهد الكاتب ببروست الذي يقول بأن "المؤلفات الرائعة تبدو وكأنها كتبت بلغة أجنبية". يروم الحديث هنا عند الكاتب، عن الترجمة باعتبارها تعددا في الوحدة. إنها "مثل الزابينغ حيث التنقل اللامتناهي بين القنوات".

+ بنص "التسامح: اختلاف مع الآخر واختلاف مع الذات"، يحدد الكاتب التسامح في كونه قبولا بالاختلاف، بالانفتاح، بالتمايز والتميز. التميز هنا "يتم بين هويات متباعدة وكيانات منفصلة. أما الاختلاف، فينخر الكائن ذاته ليضع الآخر في صميمه".

إن الاختلاف بنظر الكاتب، لا يتوجه نحو الآخر، بل يتجه صوب الذات. وعلى هذا النحو، "لن يعود التسامح إقرارا بالاختلاف كابتعاد عن الآخر، وإنما أساسا كابتعاد عن الذات، ومن ثمة سيتنافى التسامح مع كل وثوقية وتعصب وانشغال بالذات".

الهدف هنا ليس "نفي الوعي بالذات والشعور بالتمايز، وإنما الوصول إلى حين لا تبقى قيمة كبرى للجهر بالأنا، وإشهار الهوية وإبرازها في مقابل التنوع الذي تكون عليه".

التسامح بالمحصلة ليس مجرد "تحمل" الآخر، بل "إنه ما عن طريقه نبتعد، أنا والآخر، عن أنفسنا بهدف التقائنا معا وتقبل كل منا لاختلافه".

+ بنص "خطاب الانتصار وخطاب الانتشار"، يميز الكاتب تبعا لرولان بارت، هذان النوعان من الخطابات: خطاب الانتصار، الذي هو "الخطاب المناضل... خطاب النصر...خطاب غطرسة وكبرياء". أما خطاب الانتشار، فهو "خطاب بادئ الرأي، خطاب الدوكسا الذي لا يحتفي بنصر، وإنما يكتفي بأن يعم وينتشر...إنه أرضية عامة فرشت بمباركة من السلطة".

هو خطاب من طبيعة إعلامية. إنه خطاب يستغني عن النصر، لأنه لا ينتصر لفكرة وإنما هو "انتشار لما يبدو طبيعة وإجماعا". بالتالي، فإنه "الانتقال من خطاب الانتصار إلى خطاب الانتشار...و انتقال من عهد إلى عهد، من الإيديولوجية وهي انتصار لفكرة، إلى الإيديولوجية وقد نشرت وانتشرت وتمكنت من أن تغدو دوكسا ورأيا عاما وطبيعة وإجماعا".

+ بنص "مجتمع استهلاك أم مجتمع رغبات؟"، يلاحظ الكاتب أن "ما يكشف عنه منطق الرغبة اليوم ،هو أن المجتمع الاستهلاكي غدا بالضبط يحاول إشباع رغباتنا، أي أنه يحول دون إشباعها، فيجعلها رغبات ترغب في عدم الإشباع، يجعلها رغبة في عدم إشباع الرغبة، رغبة لا يشبعها موضوع، رغبة لا تعلق بموضوع، رغبة مفتوحة".

+ بنص "التفكير عمل اليد"، يلاحظ الكاتب أنه على الرغم من تطور آلة الكتابة، فإنها "لم تستطع أن تنزع عن اليد أهميتها وعلاقتها الحميمية بالكتابة". ويستدل على ذلك بمكانة المخطوطات وقيمتها.

إن الاطلاع على عمل كاتب ما، بخط يد أمر لا يضاهى. إنه يجعلنا في التحام شديد لا مع النص، بل مع صاحبه. لعل ذلك، ربما هو ما يجعل كتابا كبارا يمتنعون عن استعمال الآلة، أو لا يلجأون إليها إلا نادرا. إن اليد بنظر الكاتب، "تصون وتحفظ...تتكلم وتنطق، تقبض وتنزع".

نافذة "قرأت لكم"

2 أكتوبر 2025

 

Vous pouvez partager ce contenu