الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، جامعة الدول العربية، القاهرة، 2020، 212 ص.
في ظل انفجار ظاهرة كورونا، لم يعد الارتباط مع الاقتصاد الرقمي أمرا مستغربا أو دخيلا، إذ أجبرت الجائحة معظم بلدان الكوكب إلى ركوب ناصية الاقتصاد الرقمي، بطريقة غير مسبوقة. لقد تزايد استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل كبير، نتيجة الحجر الذي خضعت له شعوب الأرض قاطبة في فترة من الزمن تميزت بالرعب والخشية من القادم.
إن الدول المتقدمة كانت معنية وبشكل كبير، بالاستمرار في نشاطاتها التجارية والاقتصادية، بأية طريقة، وذلك من أجل ضمان عدم توقف العجلة الاقتصادية في بلدانها. لم تتخلف الدول العربية عن الركب، إذ عمدت فيما يخصها، إلى اعتماد التقنيات الرقمية في كل المجالات بغرض ضمان انسيابية الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
عمد تقرير مؤشر الاقتصاد الرقمي العربي للعام 2020، وهو الثاني من نوعه، على مقاربة الإشكالية المطروحة في ظل سيادة الجائحة، والعوائق التي ترتبت عنها بالنسبة للاقتصاد العربي عموما، وللاقتصاديات القطرية كل واحدة على حدة.
وقد عمد التقرير الحالي على تحيين معطياته وإضافة معطيات جوهرية جديدة، من شأنها أن تبرز التجليات بصورة أوضح. كما توقف عند مسألة الفجوة الرقمية العربية، والفجوة الرقمية داخل كل بلد عربي على حدة.
ينقسم تقرير مؤشر الاقتصاد الرقمي العربي إلى جزأين: الجزء الأول، ويقف عند المنهجية والمحاور الكبرى للتقرير. أي كيفيات قياس مواكبة البلدان العربية للتحولات العالمية التي طالت التكنولوجيات الرقمية. ويلاحظ أن العديد من الدول العربية عملت على الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي، مع ما يستتبع ذلك من ضرورة وضع الحلول الرقمية الكفيلة بمجاراة التحولات، لا سيما وأن المسألة تحيل على الاستعمال الجماهيري الواسع لهذه التكنولوجيا في ظرف عصيب كظرف الكوفيد، إذ كان الرهان هو أن يتحصل كل مواطن على الأدوات والتطبيقات والخدمات والفرص التي تساعده لتجاوز الصعوبات القائمة.
أما الجزء الثاني، فيتعلق بنتائج المؤشر للعام 2020. لقد أظهر المؤشر فجوة سالبة قيمتها 40.38، "بالاعتماد على المقارنة بين النتائج التي حققتها الدول العربية، مقابل دول المقارنة المعيارية.
وفي الحقيقة، فإن حجم الخسائر التي تعرضت لها الدول العربية متأثرة بسياسات الإغلاق اللاحقة لانتشار كوفيد-19، بلغت نحو تريليون دولار".
كما أظهر المؤشر ضعف أداء الدول العربية في الابتكار الرقمي والأعمال الرقمية، مع ملاحظة تباين أداء الدول العربية فيما بينها في الأبعاد الإستراتيجية للتحول الرقمي، حيث تصدرت الإمارات العربية المتحدة في أبعاد المؤشر جميعا، وتشمل: الأسس الرقمية، والابتكار الرقمي، والحكومة الإلكترونية، والأعمال الرقمية، والمواطن الرقمي.
لقد تم تصنيف الدول العربية في ثلاث مجموعات: الأولى وتضم الدول القائدة والجاذبة للاستثمار الدولي، وتشمل الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، البحرين، عمان، قطر. الثانية: الدول الواعدة رقميا، وتشمل الكويت، مصر، الأردن، لبنان، المغرب، تونس، الجزائر. الثالثة: الدول التي تحتاج لتعزيز قدراتها الرقمية وبنيتها التحتية، وتشمل العراق، سوريا، موريتانيا، اليمن، السودان، جيبوتي، فلسطين، جزر القمر، ليبيا، الصومال.
يستند حساب مؤشر الاقتصاد الرقمي العربي على خمسة أبعاد إستراتيجية، هي: الأسس الرقمية، الابتكار الرقمي، الحكومة الرقمية، المواطن الرقمي ثم الأعمال الرقمية والحكومات الألكترونية. أما المحاور الفرعية المعتمدة، فهي كالتالي: المؤسسات، البنية التحتية، التعليم والمهارات، الحكومة الألكترونية، الابتكار، المعرفة والتكنولوجيا، بيئة الأعمال والجاهزية الشبكية، نمو سوق التمويل والتنمية المستدامة.
وشدد التقرير على التعليم والعمل عن بعد، على اعتبار أن زمن كورونا يستوجب ذلك ويفرضه. كما ركز على العمل عن بعد في القطاعين، العام والخاص.
بيد أن التقرير يلاحظ أيضا أن الدول العربية لا تزال تعاني من ضعف الإمكانات الاقتصادية، ولا تزال ساكنتها تعاني من التراجع المعرفي والتقني.