تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"القلم والسيف"

إدوارد سعيد، حوارات، دار كنعان للدراسات والنشر، دمشق، 1998، 156 ص.

بمقدمة هذه الحوارات، وقد أجراها دايفيد بارساميان، نقرأ التالي: "إن معظم كتابات إدوارد سعيد من النوع البحثي والتحليلي...إدوارد سعيد واحد من الأشخاص النادرين الذين عرفت حياتهم تطابقا بين المثاليات والواقع، والتقاء بين المبدأ المجرد والسلوك الفردي".

ونقرأ أيضا أنه "من الثوابت في أعمال إدوارد سعيد، معارضته للإيديولوجيات والمواقف والممارسات الطائفية المتعصبة. والدافع القوي في عمله النقدي هو مقته للقيم العنصرية والانعزالية والانفصالية...وقد كان هذا أساسا مبدئيا في نقده للاستشراف".

هذا الكتاب هو مجموعة حوارات إذن، نشرت في فترات مختلفة، لكنها تعبر في معظمها عن رؤية إدوارد سعيد وأفكاره. سنقف هنا عند الأفكار الكبرى التي تبدو لنا مؤسسة لنظرة الرجل:

°-الفكرة الأولى: الناس تطرح قضية فلسطين كسؤال كما لو أنها غير موجودة أو مراد إزالتها. إنها تستفزهم. الفلسطينيون أنفسهم باتوا متحرزين من استعمالها. إن الإسم "ليس بالإسم الحيادي على الإطلاق".

إن فلسطين بنظر إدوارد سعيد، مكان غير عادي بالمرة، إن لها رنينا تاريخيا يشد إليه الأنظار. ثم إنها نقطة، عبارة عن ملتقى أديان وثقافات الغرب والشرق. يقول سعيد: "إن ما حاربناه هو شعب وإيديولوجيا يقولان إن فلسطين تنتمي فقط لإسرائيل، إلى الشعب اليهودين وليس إلى كل الآخرين المضطرين إلى التواجد هناك في وضع من التبعية. هذا هو في الواقع جوهر صراعنا مع الصهيونية".

°-الفكرة الثانية: هناك في دولة إسرائيل منذ العام 1948، طبقة من المستشرقين أو المستعربين، وظيفتهم "العمل مع الحكومة على تهدئة السكان العرب الفلسطينيين المحليين، والسيطرة عليهم وفهمهم والتحكم فيهم. وأنت تراهم في حكومة الاحتلال في الضفة الغربية وغزة، حيث المستعربون، أولئك الأشخاص المختصون بالتاريخ والحضارة الإسلاميين، يعملون مع قوى الاحتلال العسكري كمستشارين".

نفس الشيء في الولايات المتحدة، حيث نجد العديد من الخبراء الذين من مهمتهم أن "يقدموا عبر خبرتهم بالعالم الإسلامي والعربي، إلى وسائل الإعلام والحكومة ما أسميه الاهتمام المعادي بالعالم العربي". ضمن مجال اهتمامهم العمل على إيجاد رابط بين الإسلام والإرهاب مثلا.

كل هؤلاء يتعاملون مع الإسلام والثقافة العربية من موقف عدائي ومعارض: "هم عبارة عن موظفين ورهائن بالفعل لسياسة حكومة الولايات المتحدة المعادية بعمق للقومية العربية والثقافة الإسلامية". هؤلاء لهم القدرة على بلوغ وسائل الإعلام، عكس الذين يدفعون بالأطروحة المناقضة لأطروحاتهم. ثم هم يخافون إن عارضوا إسرائيل، أن يخسروا وظائفهم أو امتيازاتهم.

°- الفكرة الثالثة: اليهود عانوا، لكنهم لا يخجلون وهم يرون كيف أن الفلسطينيين مروا بما مر به اليهود من قبلهم. ومع ذلك، نجد أناسا منهم يشعرون بالندم على ما يقومون به.

إن المطلوب هو "أن نوضع على قدم المساواة مع الإسرائيليين"، يقول إدوارد سعيد. "إننا اعترفنا بوجودهم. لقد قلنا لهم أنتم هنا. لقد دمرتم مجتمعنا وأخذتم أرضنا، ولكننا نعترف بكم كأمة في النهاية".

ويحسم: نقول لهم "إننا نريد أن نعيش في سلم معكم بالصيغة التالية: نريد دولة فلسطينية وتقرير المصير لشعبنا في الضفة الغربية وغزة...ولكنهم لم يعترفوا إطلاقا بهذا لنا...الفلسطينيون يريدون أن يبقوا على قيد الحياة فحسب".

°- الفكرة الرابعة: يرى إدوارد سعيد أن حركة التحرير الفلسطينية هي الحركة الوحيدة في العالم التي لا تملك حليفا استراتيجيا، كما كان الاتحاد السوفياتي حليفا للعديد من حركات التحرير العالمية.

إن لإسرائيل حلفاء كثر، وحتى اليهود غير المكترثين بما يجري، تغريهم فكرة أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، وليس مواطنيها فحسب.

ويعتقد إدوارد سعيد أن الإسرائيليين وإن اختلفوا، فهم مجمعون على شيء واحد: "إنهم يريدون في النهاية أن يتخلصوا منا".

ترى ما الذي كان سيكون عليه رأي إدوارد سعيد لو تسنى له أن يعاين ما جرى منذ 7 أكتوبر 2023؟

 

يمكنكم مشاركة هذا المقال