"العولمة، الاتصال الشامل وديناميات الهوية"
يحيى اليحياوي، جامعة محمد الخامس، الرباط، المغرب
ملخص
ترفع عولمة الاقتصاد والثقافات وشوملة الاتصال، تحديات كبرى بوجه الهويات الثقافية، الفردية منها والجماعية على حد سواء.
إن تيارات السلع والخدمات والرموز، قد أضحت تتنقل بين أرجاء المعمور، بدون حدود أو متاريس مادية تحول دون سريانها، فأفرزت، جراء ذلك، وحدة في الاستهلاك تشارف على تنميط الأذواق وترسيم طبيعة الثقافات.
وقد أدت الثورة التكنولوجية العميقة في مجالي الإعلام والاتصال والشبكات الرقمية، إلى بروز أشكال من الهوية، أطلق عليها البعض "هويات افتراضية" للتدليل على حركيتها في الزمن والمكان، وتجددها بفضل وسائل اتصال وتواصل عن بعد لم تكن معهودة من قبل. نتج عن ذلك تجاذب حقيقي بين الهويات المادية، المحتكمة للعنصر المحلي والجمعي، وبين هويات عابرة للحدود، تسهم في تهديدها تارة، وفي عالميتها تارات أخرى.
ولعل المحك الذي يطال هويات الجماعات بالمهجر خير نموذج على إحساس الأفراد والجماعات بانتمائها الأصيل لهويتها ببلد المنشأ، وبين الهويات التي يفرضها التفاعل مع ثقافات وهويات بلدان الاستقبال. يبرز جليا هنا أن هذه الجماعات لم تتنكر لهويتها الأصل بدليل ركوب ناصية الشبكات الاجتماعية ووسائل الاتصال الأخرى، لإدامة الارتباط بهوية المنبع. وهذا من نتائج ثورة وسائل الإعلام والاتصال الكبرى، ومن تجلياتها أيضا.
مشاركة على الشبكات الإجتماعية