كامل النجار، جامعة دمشق، 2005، 70 ص.
يقول الكاتب في المقدمة: "قبل أن يأتي النبي محمد بن عبد الله بدعوته للدين الإسلامي، كان عرب الجزيرة قد تعرفوا على اليهودية التي كانت سائدة في يثرب، وبدرجة أقل منها في مكة وفي اليمن".
وقد كان الرسول (ص) يعرف العديد من اليهود، لعل أشهرهم ورقة بن نوفل الذي كان ذا علم غزير في الديانتين اليهودية والمسيحية. "فهل حقا اقتبس محمد من اليهودية والمسيحية عندما بدأ دعوته للإسلام؟"، يتساءل صاحب الكتاب.
ويجيب بالقول بأن المطلع على العهد القديم والذي يحتوي التوراة، والإنجيل، سيجد "تشابها كبيرا لا يمكن أن تكون الصدفة هي العامل الرئيسي فيه".
التوراة مثلا تخبرنا أن الله بعد أن خلق آدم، أحضر له جميع الحيوانات والطيور وطلب منه أن يعطيها أسماء. بالقرآن الكريم، نجد "وعلم آدم الأسماء كلها".
في قصة آدم وحواء، تشير التوراة إلى أنهما كانا عاريين في الجنة بعد أن أكلا من الشجرة. بالقرآن الكريم، نجد "فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليها من ورق الجنة".
ويزعم الكاتب أن التوراة تضم أكثر من القرآن الكريم تفاصيل قصة فيضان نوح، بما فيها مكان استقرار السفينة ("أراراط" في تركيا)، بينما نجد أنها "استقرت على الجودي" في القرآن الكريم.
التوراة تتحدث عن البقرة التي تم حرقها وحفظ رمادها في مكان آمن، في حين أن القرآن الكريم لا يقدم تفاصيل عن ذلك. على عكس ذلك، فقد فصل القرآن الكريم في قصة إبراهيم، في حين لم تتحدث عنها التواراة إلا باقتضاب، وهو الأمر ذاته بالنسبة لقصة ناقة النبي صالح وقصة أصحاب الكهف.
ويقف الكاتب عند الوصايا العشر، ليرى كيف أن التوراة والإسلام يتحدثان عن إله واحد لا شريك له. وأنهما يحثان على تدمير الأصنام. ومع أن القرآن الكريم تحدث عن اليوم السابع باعتباره يوم الجمعة، ركزت التوراة على السبت، وكلا اليومين يوافقان الستة أيام وسابعها. والكتابان معا يحثان على إكرام الوالدين والإحسان بهم، وعلى عدم قتل النفس وتحريم الزنا والسرقة وشهادة الزور، وكذا تحريم الاقتراب من قريبة.
أما بخصوص الرق، فيلاحظ الكاتب أن الديانة اليهودية لم تعمل على إلغائه، بل باركته ووضعت له قوانين تحكمه. الإسلام نفسه أباح امتلاك العبيد والإماء عن طريق الشراء أو السبي في الحروب أو كسداد للديون. وقد حرم الإسلام وطء المحصنات، أي المتزوجات، لكنه أباح للمسلمين وطء المرأة المتزوجة إذا سبوها في الحرب، حتى وإن كان زوجها لا يزال حيا.
وقد حرمت الديانتان معا، الربا. وهو نفس الأمر مع الخنزير والحيوانات المشقوقة الظلف. وقد حددتهم التوراة بالإسم، أما القرآن الكريم فقد حرم الميتة والدم والخنزير...الخ. لكن في حين شددت التوراة على لائحة المحرمات، ترك الإسلام الباب مفتوحا للفقهاء بعد أن ذكر الدم والخنزير وما أهل به لغير الله.
بيد أن التوراة لم تحدد ما هو حلال، بل ذكرت فئة الحلال حتى يكون باب الحلال واسعا. أما الأسماك، فقد حللها الإسلام حية وميتة، في حين منعت التوراة من لديها زعانف.
أما النساء المحرمات، فالتشابه شبه تام بين التوراة والإسلام، وهو نفس الشيء بالنسبة للقسط في الميزان. أما في الحدود، فإن التوراة تأمر بقتل الزاني والزانية، إذا كان الزنا من امرأة قريبة كزوجة الأب أو زوجة العم. أما الإسلام، فقد نص على الجلد. أما اللواط، فحدد في التوراة الرجم، في حين لم يتحدث الإسلام في تفصيل ذلك.
في الزكاة، فرضت التوراة عشر ما تنتجه الأرض، لكن دون تحديد أوجه صرفه، وهي في الإسلام الخمس.
أما الخمر، فلم تحرمها التوراة إلا على الكاهن حين أدائه مهمته الدينية، ونهائيا على القضاة كي لا يعتم على عقولهم.
أما الإسلام، فقال بأن للخمر منافع للناس لو تم شربه باعتدال. الإسلام هنا لم يحرم الخمر صراحة ولم يسمح به صراحة، بل نصح بالاجتناب فقط.
أما آية "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، فقد نزلت في سورة آل عمران (الآية 110)، وفيها قراءات عدة.
نافذة "قرأت لكم"
7 شتنبر 2023