تسريب المعطيات الشخصية قد يعتمد مسالك تقنية مختلفة. قد يكون نتيجة اختراق مباشر لأنظمة المعلومات، وقد يكون تسريبا مباشرا من لدن جهات معينة. الغرض من العملية في الحالتين معا غالبا ما يكون تجاريا أو استخباراتيا أو من باب التحدي الذي يرفعه الهاكرز. المعطيات بوجه عام، والمعطيات الشخصية تحديدا، هي المادة الأولية التي يشتغل عليها المعلنون، إذ من خلالها تحدد مواصفات صاحبها، في اسمه وجنسه وعنوانه وجهة إقامته وبريده الألكتروني وهواياته...الخ، وتحدد بالتالي سبل اتخاذه كهدف إشهاري من لدن المعلنين، أو من لدن السياسيين خلال حملاتهم الانتخابية.
للتذكير فقط، فقد سبق لشركة كامبريدج أناليتيكا مثلا أن سربت معطيات شخصية لما يناهز 80 مليون مستخدم فايسبوك، تم توظيفها في الانتخابات الرئاسية للعام 2016 في الولايات المتحدة.
في نهاية مارس من العام 2021 أيضا، تم تسريب المعطيات الشخصية لما يناهز نصف مليار من مستخدمي الفايسبوك، ضمنهم حوالي 19 مليون مغربي. في الحالات كلها، تتحدث شركة فايسبوك عن ثغرات، في حين أن العملية تتجاوز ذلك بكثير، إذ لا يمكن استبعاد تواطؤ الشركة نفسها مع المسربين، أو تكون هي التي سربت وتذرعت باختراق لمنظومتها المعلوماتية.
يجب التذكير هنا أيضا بالتسريبات التي قامت بها شركة "ت.إل. إس كونطاكت" بالمغرب وهي الشركة الوسيطة التي تتكفل بتدبير ملف التأشيرات في المغرب للعديد من البلدان الأوروبية. الشركة اعترفت بإرسال منتظم كل خمس دقائق لصور مقتطفة من تسجيلات كاميرات المراقبة نحو مؤسستين حكومتين متواجدتين بالخارج. وهو ما صدر في اعتراف مباشر من لدن المسؤول عن المعالجة. بيد أننا لا نعرف لحد الساعة هوية هاتين المؤسستين.
اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي هي صاحبة الاختصاص في هذا المجال. لا نزال ننتظر نتائج تحقيقاتها في الموضوع. ثم إن هذه اللجنة لا يمكن أن تتحرك إلا بشكاية مباشرة، أو عندما يتأكد لها أن ثمة معالجة أو معالجات خارج القانون، أو تعلم بمجرد الصدفة أن ثمة شبهة لمعالجة ما، لم يتم إبلاغها بها. بالتالي، فهي تسلم بحسن النية وتدفع بجهة تكريس ما يسميه رئيسها ب"الثقة الرقمية". إنشاء السجل الوطني لتتبع الشكايات وعمليات المراقبة هو إجراء جيد من لدن اللجنة بجهة تكريس هذه الثقة، لكنه يبقى غير كاف، ولا يمكن أن يحول دون تجاوز ما ينص عليه القانون المحدث للجنة. صحيح إن هذه المقاربة هي مقاربة وقائية، لكنها ليست استباقية ولا شاملة. والدليل أن اللجنة لم تصغ بعد مقاربة شمولية للتصدي لهذه الآفة. لا يزال مجهود رئيسها، وأنا أعرفه رجلا كفؤا ونزيها، منحصرا في توقيع اتفاقية مع هذه الجهة أو تلك، أمنية أو مؤسساتية أو قضائية، والرهان على مدى تجاوبها...لربما ثمة حاجة لحملة تواصلية تحسيسية بهذا الخصوص.
https://assabah.ma/686653.html