Aller au contenu principal

"نحو تمتين الرابط الجيلي مع مغاربة العالم"

المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رأي، الرباط، نونبر 2022، 78 ص.

هذا ليس تقريرا ولا دراسة أكاديمية. يتعلق الأمر بمجرد "رأي" متأت من إحالة ذاتية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. ومع ذلك، فإن استنتاجاته تعني المجلس وتلزمه.

بتمهيد لهذه الإحالة، يقول المجلس: "بلغ عدد مغاربة العالم المسجلين لدى شبكة قنصليات المملكة عبر العالم، 5.1 مليون شخص في أبريل سنة 2021. ويمكن أن نضيف إلى هذا العدد، الذي يمثل نحو 15 بالمائة من ساكنة المملكة، الأشخاص الذين يعيشون بالخارج، لكنهم غير مسجلين لدى القنصليات، سواء المغاربة المزدادون بالمغرب، والمقيمون بالخارج أو المغاربة مزدوجو الجنسية، المزدادون والمقيمون بالخارج الذين يحمل أحد والديهم أو كلاهما الجنسية المغربية. من ثم، يمكن تقرير إجمالي الجالية المغربية بالخارج بين 6 و 6.5 مليون نسمة".

وتقدر تحويلات مغاربة المهجر المالية بحوالي 7 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي، إذ "يتوقع أن تناهز سنة 2022 مبلغ 100 مليار درهما". بيد أن المجلس يلاحظ أن "هذه التدفقات المالية وآفاق تطورها تصطدم بمخاطر الاستدامة، خاصة في ضوء شدة الصدمات الاقتصادية وتواليها، كما يتعين التساؤل عن مدى قدرة المغرب على توجيه تلك التحويلات نحو أنشطة إنتاجية واستثمارات طويلة الأمد. ومما يضفي أهمية أكبر على هذه التساؤلات، تنامي مناخ معاداة ظاهرة الهجرة في العديد من بلدان العالم، وكذا التغيرات التي طرأت مع تعاقب الأجيال، على علاقة مغاربة العالم، سواء ببلد الاستقبال أو بالمغرب".

ويقر التقرير بأن 78 بالمائة من المغاربة المقيمين حاليا بالخارج غادروا المغرب في الفترة ما بين 2000 و 2018، فيما غادر 24 بالمائة منهم البلاد منذ سنة 2015. وحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فإن "المتوسط السنوي لعدد المهاجرين المغاربة خلال الثلاثين سنة الأخيرة (1990-2020) بلغ 50 ألف شخص".

وتتميز هذه الجالية بمواصفاتها النشيطة، بحيث إن 60 بالمائة من مغاربة العالم تتراوح أعمارهم بين 15 و 39 سنة، فيما تقل نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فما فوق، عن 4 بالمائة.

ثم هي جالية ذا مستوى تعليمي عالي، قياسا إلى النسبة المتوسطة المسجلة لدى ساكنة المغرب، بحيث "إن أكثر من ثلثهم لديهم مستوى تعليمي عالي"...وهي متواجدة بكثافة في الولايات المتحدة وكندا، مقارنة مع تيارات الهجرة التقليدية التي تركزت حول أوروبا.

وعلى عكس الجيل الأول الذين كان يراهن على العودة للبلد/الأصل ليستكمل من بين ظهرانيه مسيرته، فإن الأجيال اللاحقة انخرطت في مسلسل الاستقرار ببلدان الاستقبال، واندمجت فيه وإن بدرجات متباينة على المستويات اللغوية والثقافية والمهنية.

ومع ذلك، فإن هذه الجالية، وعلى اختلاف أجيالها، لا تزال مرتبطة ببلدها/الأصل وتتمثل هويتها وقيمها وثقافتها ودينها. والدليل على ذلك، يتابع "الرأي"، أن غالبيتهم لا تزال تزور المغرب بانتظام، وتدعم أسرها وتشاركها المناسبات الاجتماعية والدينية...الخ.

إلا أن هذه الجالية لا تزال تعبر عن عدم رضاها على الخدمات المقدمة لها، والتي لا تتجاوب في الغالب الأعم مع انتظاراتها وطموحاتها. إذ تشكو استمرار الفساد والمحسوبية والزبونية والابتزاز والاحتيال والنصب في المعاملات. كما تشكو تعقيدات مناخ الأعمال وضعف الخدمات العمومية وترهل العديد من القطاعات، لا سيما الإدارة والصحة والقضاء.

كما تشكو الكفاءات الراغبة في العودة للإسهام في تنمية البلاد، من الصعوبات التشريعية والتنظيمية التي لا تساعد على انسيابية حركتها وتنقلها، لا سيما فيما يتعلق بالتدريس الجامعي والتكوين والبحث العلمي.

والسبب في ذلك راجع إلى استمرار منظومة مؤسساتية سمتها تعدد المتدخلين، وضعف النجاعة والكفاءة، لا سيما في غياب وزارة تتكفل بقضايا مغاربة العالم.

من جهة أخرى، يلاحظ "الرأي" أن المشاركة السياسية لمغاربة المهجر لا تزال معلقة، إذ على الرغم من اعتراف الدستور لهؤلاء بصفة المواطنة، لا سيما فيما يتعلق بممارسة لحقوقهم الانتخابية، فإن ذلك لا يزال بعيد المنال كون الدستور نفسه "لا ينص صراحة على إحداث دوائر انتخابية خارج حدود الوطن". كما أن حالات التنافي بالنسبة للمغاربة الذين لهم مسؤوليات انتخابية ببلدان الإقامة، تحول دون إمكانية مشاركتهم السياسية في البلد/الأصل.

يخلص "الرأي" بهذه الجزئية، إلى القول بأن المغرب هو من بين 11 دولة التي تعطي مهاجريها حق التصويت بالانتخابات، لكنها ليست ضمن ال 9 دول التي "وضعت منظومة انتخابية وآلية تضمن بكيفية متفاوتة، لمواطنيها المقيمين بالخارج تمثيلا برلمانيا بهذه الصفة".

ولعل هذا القصور هو الذي يدفع إلى الإحباط الذي يشعر به مغاربة المهجر، ويعتبرونه كما لو كان مؤشرا على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية.

Vous pouvez partager ce contenu