تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"تكنولوجيا النانو: الثورة التكنولوجية الجديدة"

أحمد توفيق حجازي، كنوز المعرفة، عمان، 2012، 158 ص.

النانو تكنولوجي هي علم تكنولوجيا الأشياء الدقيقة والصغيرة للغاية. والنانو تعني في لغة المقاييس، جزء من البليون من المتر. وعليه، فإن المواد النانونية هي "تلك الفئة من المواد الصغيرة جدا التي يتم تحضيرها معمليا، أو تلك الموجودة بالفعل في الطبيعة، والتي تتراوح مقاييس أطوالها أو أقطار حبيباتها ما بين 0.1 نانو متر إلى 100 نانو متر".

إنها تتمتع بخفة في الوزن "يبلغ سدس مقدار وزن سبائك الصلب، لذا فهي تعد أقوى مادة صنعها الإنسان حتى الآن".

إن تكنولوجيا النانو تعد بنظر المؤلف، بتطورات كبرى في مجالات الفيزياء والبيولوجيا والكيمياء والكمبيوتر، حيث ستتوفر لهذه الأخيرة قدرات هائلة بحجم الكف، يخزن الجهاز الواحد كل ما طبع منذ اختراع غوتنبرغ للطباعة حتى اليوم على بطاقة محفظة جيب، "وأجهزة تنتقل في أجسامنا لإنجاز الإصلاحات الميكروسكوبية لعلاج الأمراض".

إن علم النانو، بنظر الكاتب، إنما هو "العلم الذي يعتني بدراسة وتوصيف المواد النانونية، وتعيين خواصها وخصائصها الكيميائية والفيزيائية والميكانيكية، مع دراسة الظواهر المرتبطة الناشئة عن تصغير أحجام الحبيبات".

وتعد المواد التقليدية مثل المواد المعدنية وأشباه الموصلات والسيراميك، بمنزلة المصادر الأولية التي يتم استخدامها للحصول على المواد النانونية. ويمتد نطاق هذه الأخيرة من المواد غير العضوية إلى المواد العضوية.

وتستخدم المواد النانونية في الأدوات الجراحية التي تتعرض للصدأ أو التراكم البكتيري على سطحها الخارجي، "على الرغم من كونها منتجات مصنعة من الصلب الذي لا يصدأ، يتم تعقيمها بوسائل فعالة. لذا، فإنه يتم تغطية أسطحها الخارجية الملامسة للسوائل العضوية التي بداخل الجسم مثل الدم، بأغلفة نانونية رقيقة السمك، تتألف من مواد سيراميكية أو مواد متراكبة نانونية تحتوي على عنصر الفضة الفلزي القاتل لجميع أنواع الجراثيم والبكتيريا، مما يضمن عدم تعرضها للصدأ أو التلوث الميكروبي أو البكتيري أو الإثنين معا.

إن ما يسمى بفلزات الذهب هي من أبرز الحبيبات النانونية وأكثرها أهمية، نظرا لاستخداماتها في العديد من التطبيقات الطبية المتقدمة. فقد "استخدمت حبيبات الذهب النانونية في تحديد سلاسل الحامض النووي المرتبطة بالمرض. وكذلك أيضا في تحديد سلاسل الحامض النووي للفيروسات التي تغزو جسم الإنسان...إن  حبيبات الذهب النانونية يمكن أن تكون السلاح الفتاك للخلايا السرطانية وقتلها موضعيا داخل الجسم البشري ودون أي أعراض جانبية".

وعلى هذا الأساس، فإن تكنولوجيا النانو تعتبر حاليا التكنولوجيا الأولى الرائدة في العالم، كونها متعددة الوظائف، إذ يتم توظيفها في مجالات تطبيقية متنوعة مثل: صناعة الأجهزة والمكونات الألكترونية، تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، صناعة الأدوية والعقاقير والأجهزة الطبية، الرعاية الصحية والتحاليل الطبية واستكشاف ومعالجة الأمراض المستعصية، صناعة مستحضرات التجميل، استكشاف الأخطار البيئية، تنقية وتطهير المياه واستصلاح الأراضي ثم التسليح والأمن القومي...الخ.

ويلاحظ الكاتب بامتداد لذلك، أن ثمة تزايدا للمنافسة بين الشركات المنتجة لهذه الأجهزة، لإنتاج الأصغر والأصغر، وبسعات تخزينية أكبر وسرعات أعلى، وذلك عن طريق تخفيض أسماك الرقائق والشرائح المكونة للترانزستورات. إن قوتها تتأتى من كونها مواد متناهية الصغر.

إن إحدى الميزات الكبرى لتكنولوجيا النانو إنما قدرتها الفائقة على دمج العلوم الأساسية والعديد من التقنيات التكنولوجية المتقدمة وصهرها في قالب واحد. وقد أدى ذلك إلى تزايد عدد السلع وتطور سلاسل الإنتاج والتصنيع وبروز تطبيقات اقتصادية جديدة. وهو ما أدى إلى ظهور مصطلح الاقتصاد النانوي للتعبير عن الاقتصاد المبني على تكنولوجيا النانو، وللإشارة إلى القطاعات والأنشطة الاستثمارية المتعلقة بمخرجاتها التكنولوجية.

وقد بات لهذا الاقتصاد سوقا دولية واسعة، بدليل الرواج التجاري العالمي الكبير لأجهزة الحواسيب والهواتف المحمولة وأجهزة تسجيل الموسيقى والأفلام وتخزين الملفات في أحجام صغيرة للغاية...الخ.

أما بلدان العالم الثالث، فهي فرصة سانحة لها كي تستفيد من تطبيقات تكنولوجيا النانو في مجالات البيئة وتحلية مياه الشرب والفلاحة ومجالات الطب والدواء والاتصالات وما سواها.

يمكنكم مشاركة هذا المقال