ألكسندر ميليا غروهيتشنز، نيك كاردبهاي (ترجمة: محمد عوض يوسف)، مركز الدراسات الاستراتيجية، الإسكندرية، 2020، 128 ص.
يلاحظ الكاتبان، ببداية هذه الدراسة، أن لجوء الحركات الجهادية المتطرفة لشبكة الإنترنيت، إنما أتى كرد فعل على تقصير وسائل الإعلام التقليدية وانحيازها. وهذا أمر لا يقتصر على هذه الحركات، بل يطال أيضا حركات أخرى، من قبيل النازيين الأميركيين الجدد وغيرها.
ويلاحظ الكاتبان أيضا أنه "لا توجد نظرية موحدة للتطرف. ومع ذلك، فإنه غالبا ما يأخذ صورة الراديكالية في الموقف وفي السلوك، لا سيما بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر وتزايد الإشارة إلى الحركات السياسية العنيفة، مع التركيز المعاصر على تعبئة المسلمين الغربيين وتجنيدهم لقضية الجهاد العالمي".
ومع أن البعض يثير مسألة المظالم باعتبارها تعبيرا للتطرف، فإن الغالبية الكبرى من الباحثين لا يذهبون هذا المذهب، بل يعتبرون التطرف "عملية تصعيد تؤدي إلى العنف، ثم عملية تؤدي إلى زيادة استخدام العنف السياسي".
بالتالي، فإن التطرف هو "التغير في المعتقدات والمشاعر والسلوكيات في اتجاهات تبرر بشكل متزايد العنف بين الجماعات، وتطالب بالتضحية للدفاع عن الجماعة".
العلاقة بين التطرف والعنف هي هنا علاقة إشكالية كبرى، إذ الأفكار المتطرفة والعنف هي عناصر مكونة لعملية التطرف. معظم التعريفات الأكاديمية تركز بالتالي، على العنف كعنصر مركزي من عناصر التطرف.
بالمقابل، فثمة إجماع واسع، برأي المؤلفين، على أن "شبكة الإنترنيت وحدها ليست سببا عاما للتطرف، ولكنها يمكن أن تكون بمثابة ميسر ومحفز لمسار الفرد نحو أعمال سياسية عنيفة".
ويرى البعض أن عمليات التطرف تتم من الأعلى إلى الأسفل، حيث يتم الرفع من مقام العلاقات الهرمية قياسا إلى العلاقات الشبكية، وهو ما يتم الاستدلال عليه بتنظيم القاعدة مثلا، حيث التأثير الكبير لجهود الرسائل القادمة من رموز القيادات الجهادية العالمية.
في حال هذا التنظيم يبدو، حسب المؤلفين، إن الإنترنيت لعب ثلاث وظائف كبرى، أقواها على الإطلاق هي الدعاية، أي تلك التي تسمح بالتوظيف وجمع الأموال والتدريب والتوجيه وتوفير المعلومات واختيار الأهداف...الخ.
ثم إن شبكة الإنترنيت تخلق شروطا لحد أدنى من التماسك الإيديولوجي والاستراتيجي والتكتيكي. بيد أن هذا لا ينفي العلاقات الواقعية المباشرة، بل يعيقها ويسهل لها التجسيد. العلاقة هي علاقة تبادلية ولا يمكن أن ينظر إليها من زاوية البديل.
وهناك اتجاه آخر ينطلق من نظرية الحتمية التكنولوجية، لكن دعاته يتجاهلون حقيقة أن البشر هم دائما "الذين يستخدمون التكنولوجيا كأداة للوصول إلى أهدافهم والوصول إلى الجمهور".
ومع ذلك، فإن نمو استخدام الإنترنيت خلال العقود الأخيرة "قد ساعد الأجهزة الأمنية في مكافحتها للإرهاب، واكتسب أيضا فائدة من الإنترنيت على الأقل مماثلة لتلك التي تقدمها إلى الجماعات الإرهابية". لكن هذا نقاش آخر.