تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"واقع اقتصاد المعرفة" لناجية سليمان عبد الله وآخرين

"واقع اقتصاد المعرفة في منظومة التعليم والبحث العلمي في ضوء استراتيجيات التنمية المستدامة بالدول العربية"

ناجية سليمان عبد الله، كريم عياش (تنسيق)، أوراق الملتقى العلمي الافتراضي، المركز الديموقراطي العربي، برلين، غشت 2021، 252 ص.

يضم هذا الكتاب مجموع الأوراق التي قدمت بالملتقى العلمي الافتراضي حول واقع اقتصاد المعرفة بالمنطقة العربية. بتقديم الكتاب، نقرأ التالي: "وحيث أن اقتصاد المعرفة يرتكز على المعرفة، والمعرفة ترتكز في بنائها على التعليم والبحث العلمي، فإن نقل أي اقتصاد من اقتصاد تقليدي إلى اقتصاد قائم على المعرفة، يتطلب إحداث نقلة وتحول نوعي بدءا من الحصول على المعرفة ونشرها، ومرورا بإنتاج المعرفة وتوظيفها ونقلها وتسويقها عبر الإنترنيت، ومن هنا يتكون اقتصاد المعرفة ويصبح منطلقا للتنمية المستدامة".

تكون هذا الكتاب من أوراق متنوعة، منها ما يقدم للطرح العام، ومنها ما يركز على الحالات القطرية، للنظر في علاقة اقتصاد المعرفة بالتنمية المستدامة، سنعرض هنا لأهمها:

°- بالورقة الأولى ("دور تكنولوجيا الإعلام والاتصال في بناء مجتمع المعرفة")، تقول فاطمة غاي من جامعة عبد الحميد مهري بالجزائر: يقصد بمجتمع المعرفة "توافر وتشجيع مستويات متقدمة من البحث العلمي والتنمية التكنولوجية التي توفر المادة المعرفية...ويقوم على استغلال المعرفة كأهم مورد لتنمية جميع القطاعات".

انتقال المجتمعات من الحالة الزراعية إلى مجتمع المعرفة هو "نتاج لولادة تكامل ثورة المعلومات المركبة. إذ أصبح الانتقال من المعرفة العلمية إلى تطبيقاتها التكنولوجية أمرا أكثر سهولة، بزمن أقل وبمردودية اقتصاد أعلى...فضلا عن الاندماج بين تكنولوجيا معالجة المعلومات (الكمبيوتر وتطبيقاته) وبين ثورة الاتصالات (الرقمية وتطبيقاتها)".

يستوجب هذا المجتمع، بنظر الكاتبة، توفير مقوماته المادية والبشرية، من نشر وتوطين للمعرفة وتوظيفها. ولا يمكن ذلك إلا من خلال العمل على ضمان تدفق المعلومات، وتكوين الأطر البشرية الكفيلة بذلك.

°- بالنص الثاني ("التنمية المستدامة في عصر السوشيال ميديا")، يتحدث حمادي خالد عن البيانات الضخمة ودورها في التنمية المستدامة. ويلاحظ أن المؤسسات العمومية والخاصة غالبا ما تتستر على هذه البيانات ولا تتيحها للاستخدام. وهو أمر يحول دون تنقلها وشيوعها وبالتالي توظيفها في شتى أوجه التنمية. ويلاحظ الكاتب أن مواقع التواصل الاجتماعي تزخر بأحجام ضخمة من البيانات.

إن مواقع التواصل الاجتماعي باتت خلف إنتاج مضامين متنوعة وأشكال تعبيرية عدة، وبذلك، فهي تساهم في تكوين الرأي العام و"إثارة إشكاليات مجتمعية لم تكن وسائل الإعلام التقليدية تتناولها أو تثيرها أو تعطيها الاهتمام الكافي".

ويتابع الكاتب: "ففي الزمن الرقمي، تلاشت المسافة الفاصلة بين المنظمات والحكومات والجمهور، وأصبح من الضروري إشراك الجمهور في إنجاح المشاريع التنموية المختلفة ومعرفة اهتماماته والاستجابة له...".

بيد أن إسهام هذه المواقع في أهداف التنمية المستدامة يستوجب مراعاة عوامل عدة لعل أهمها: "وجود مشروع تنموي واضح تتبناه وسائل الإعلام وتدعو له، وتوافر مناخ ديموقراطي يكفل الحوار والمشاركة لجميع القوى السياسية والاجتماعية، فضلا عن توافر قدر معقول من الحرية والاستقلالية لوسائل الإعلام في التعبير عن وجهة نظرها".

ومعنى ذلك أن هذه الوسائل الجديدة مطالبة ب"حمل الخطاب التنموي من السلطة إلى الجمهور، ونقل احتياجات ومطالب وأفكار الجمهور إلى صناع القرار". من هنا تأتي مركزية المعرفة وبناء مجتمع المعرفة، لأن من شأن ذلك توسيع خيارات البشر وقدراتهم وتمكينهم من التغلب على الإكراهات.

°- بالنص الثالث ("دور الاقتصاد المعرفي وتحدياته") تتحدث هبة توفيق أبو عيادة عن إدارة المعرفة، وكيف يمكن من خلالها "الإسهام في رفع كفاءة الأداء وتحسين جودة الخدمة، وتوفير مناخ صحي يشجع العاملين ذوي المعرفة ويحفزهم على الإبداع، وإطلاق طاقاتهم الكامنة وإتاحتها للمنظمة لتوظيفها والاستفادة منها".

وهذا يستوجب تشخيص المعرفة واكتسابها وتوليدها وتخزينها وتطويرها وتوزيعها وتطبيقها. ثم إن إدارة المعرفة تستوجب "وجود مديرين للمعرفة، إذ لا يمكن تنظيم واستثمار المعرفة دون وجود فريق يتولى مهام استقطاب وتخزين المعرفة وتطوير البنية التحتية للمعرفة، بالإضافة إلى أنشطة تنمية رأس المال المعرفي أو الفكري في المنظمة، واستخدام تقنيات تحفيز انتقال المعرفة الضمنية إلى معرفة صريحة".

بيد أن الكاتبة تلاحظ أن معيقات إدارة المعرفة إنما تتمثل في "عدم وجود ثقافة تنظيمية داعمة للمعرفة التنظيمية. إذ لا يمكن أن تزدهر في ظل ثقافة لا تؤمن بها، ووجود قيادات إدارية تقليدية غير قادرة على إدارة المعرفة...إضافة إلى غياب وجود استراتيجيات واضحة لإدارة المعرفة لتحديد الاتجاه طويل الأمد، وتحديد أهدافها واستراتيجياتها".

وتختم الكاتبة مقالتها بأن "إدارة المعرفة لا تعمل في فراغ، بل تعمل في إطار بيئة تنظيمية تتضمن العديد من العناصر والمتغيرات، غير أن هناك متغيرات أربعة تتفاعل فيما بينها وتؤثر على عملية إدارة المعرفة وهي الثقافة التنظيمية والهيكل التنظيمي والقيادة الإدارية وتكنولوجيا المعلومات".

نافذة "قرأت لكم"

15 دجنبر 2022

يمكنكم مشاركة هذا المقال