تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي: تكامل أم صراع؟"

مهند حميد التميمي، دار أمجد للنشر والتوزيع، عمان، 2017، 263 ص.

بتقديمه لهذا الكتاب، يقول المؤلف: إن "المنافسة الجديدة جعلت التلفزيون هذه المرة في تحدي كبير، حيث بدأ الجمهور الذي اعتاد لعقود طويلة، الاعتماد على التلفزيون في المتابعة وإشباع الرغبات والحاجات، بدأ يتجه نحو شبكات التواصل الاجتماعي التي ظهرت مؤخرا، واستطاعت أن توفر لجمهور المستخدمين سمات وخصائص تفوق ما يقدمه التلفزيون".

وعلى هذا الأساس، "أصبح الحديث عن مستقبل وسائل الإعلام التقليدي أمرا حقيقيا وجديا، لا سيما وأننا بدأنا نشهد إغلاق عشرات الصحف الورقية والتحول نحو النشر الألكتروني، فضلا عن انحسار وتراجع دور الإذاعات المسموعة، بحكم عوامل المنافسة ومزاج الجمهور في ظل المعطيات الجديدة".

لقد بدأ الحديث يتزايد عن وحول ما يسمى بالإعلام الجديد أو الإعلام البديل، "الذي بات قادرا على تقديم كل أنواع البرامج التلفزيونية وبخصائص أكثر تطورا مما يقدمه التلفزيون".

 يقال بأن  التلفزيون يمكنه الإفادة من هذه الوسائل الجديدة ويتكامل معها، عبر تصميم منصة بها يكون بإمكانه من خلالها مخاطبة الجمهور. بيد "أن التصورات المقلقة ما تزال سائدة لدى البعض، وهي تتناول التوقعات أن يكون مصير التلفزيون غير بعيد عن مصير وسائل الإعلام التقليدية الأخرى، لأن التكنولوجيا الحديثة مثل الطوفان الذي لا يمكن التكهن الدقيق بالآثار التي ستنتج عنه".

ثمة العديد من التحديدات التي تحاول ضبط المقصود بالإعلام الجديد، إلا أنها تشترك مجتمعة في اعتباره ذاك النوع من الإعلام الذي ظهر بعد التطور التكنولوجي في مجال الإعلام والاتصال، وبعد الاندماج بين تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والإنترنيت، "فضلا عن ارتباطه من جهة أخرى، بالثورة في مجال الويب. فمن الجيل الأول الذي كان يركز في نشر المعلومات بصورة رئيسية، إلى الجيل الثاني الذي يعتمد على مشاركة الجمهور في المواد الإعلامية كافة".

ولعل إحدى الميزات الكبرى التي تطبعه إنما التفاعلية واندماج الوسائل والحرية الموسعة وكونية الوصول واللاتزامنية والفورية أو الآنية.

مواقع الاتصال الاجتماعي أو الشبكات الاجتماعية تنهل تحديدها إذن من الإعلام الجديد. إذ هي البنية المادية التي توفر الاتصال الرقمي بين منتجي المضامين ومستهلكيها.

بيد أن العلاقة بين شبكات التواصل الاجتماعي (كوسيلة جديدة) ووسائل الإعلام التقليدية (وفي مقدمتها التلفزيون)، تطرح رأيان:

°- الأول يرى أن هذه العلاقة تكاملية، وأن شبكات التواصل الاجتماعي مكملة لوسائل الإعلام التقليدية.

°- الرأي الثاني يرى في هذه العلاقة علاقة تنافسية، وأن "شبكات التواصل الاجتماعي أثرت بشكل كبير في وسائل الإعلام التقليدية، إذ غادر الجمهور وسائل الإعلام التقليدية نحو شبكات التواصل الاجتماعي".

بالحالة الأولى، تعايش وتكامل، بالثانية نفور وتنافسية. ولكلا الرأيين وجاهته. إذ إن شبكات التواصل الاجتماعي قد أفادت الإعلام التقليدي كثيرا، لا سيما فيما يخص الحصول على المعلومة والتواصل مع الجمهور بطرق وأدوات جديدة. ومعنى ذلك أن وسائل الإعلام الجديدة لم تلغ وسائل الإعلام التقليدية، بل أثرتها وأغنتها مضامينا وحوامل. وهذا ينطبق على التلفزيون، لا سيما  زمن الفضائيات العابرة للحدود. ثم إن هذه الوسائل الجديدة قد مكنت إيصال المحتويات المتواجدة على شبكات التواصل الاجتماعي.

بالتالي، فهناك حقا "علاقة تعاون واعتماد متبادل بين هذه الوسائل، يتجاوز الصراع والتضاد ويصل إلى حد التداخل والتكامل".

بالمقابل، فثمة من يظن أن العلاقات بين هذه الوسائل هي علاقات تضاد وتنافسية. إذ جمهور الوسائل التقليدية بدأ يغادرها لفائدة هذه المستجدات الجديدة، لما فيها من مرونة واتساع حرية وإمكانيات تعبير لا تضمنها أو توفرها الوسائل التقليدية.

ثم إنها خالية من القيود وتوفر تفاعلا آنيا ومباشرا مع الأحداث. ثم هي أداة خلاص من سلوك الهيمنة والتبعية الذي تفرضه الوسائل التقليدية، لا سيما التلفزيون.

وعلى الرغم من الكم الهائل من الأدبيات والاستبيانات الميدانية التي أجريت بالعديد من بلدان العالم، فإن الثابت أن حالات التنافس والتضاد وحالات التكامل والتقاطع، تبقى ثابتة، حتى وإن اختلفت في بعض التفاصيل.

نافذة "قرأت لكم"، 03 نونبر 2022

يمكنكم مشاركة هذا المقال